الحمد لله الذي جعل القرآن وقفا على لغة العرب فأمكن منها ذوو العلم والأدب ، على مر
الدهور والحقب وبلغوا بذلك نهاية الأدب وبعد ، فإن اللغة حمالة حضارة وفكر وتاريخ وحري بنا نحن العرب أن نكون أوفياء لهذه العربية التي هجرها أهلها وخليق بنا أيضا أن نغرس في أبنائنا الطلاب حب العربية لأنهم حملة رايتها من بعدنا ورفعةُ قدرها ، فإنه يجب أن نقوّم ألسنتهم من الخطأ واللحن ، إيماناً منا بأن ذلك سبيل إلى نحت الكيان وقد استندنا في هذه المحاولة إلى معارف استقيناها من مظان الكتب منها المعاجم والكتب التي ألفت في إصلاح منطق العوام وفي ما تلحن به العرب وأفدنا من "معجم الأخطاء الشائعة" لمحمد العدناني و"لغة الجرائد" للشيخ إبراهيم اليازجي ولم نأخذ في الاعتبار بعض ما أقرت به المجامع اللغوية تساهلا وتيسيرا إذا إننا نعتقد بأن هذا التساهل بعض العلة وهو بعد ذلك قادح على فساد اللسان العربي . وقد رأينا أن نقدم بعض الأخطاء الجارية على ألسنة الطلاب آملين أن نكون قد بلغنا السمت وقومنا الأمت والله ولي التوفيق يقولون : النّسر بكسر النون والصواب فتحها ويقولون : السجن بكسر السين والصواب فتحها ويقولون : العداء بكسر العين والصواب فتحها ويقولون : وفق بكسر الواو والصواب فتحها ويقولون للقصيدة في غرض الرثاء مرثية بتضعيف الياء وهو خطأ لأن معناها المرأة التي يرثيها الشاعر ، أما القصيدة في غرض الرثاء ، فهمي مرثية بتخفيف الياء ويجمعون خدمة على خدمات بفتح الخاء والدال معا ولا أدري لذلك وجها مقنعا والصواب خدمات بكسر الخاء وتسكين الدال ويقولون : شاركنا في المحافل الدولية بضم الدال وفتح الواو وهو خطأ لأن النسبة لا تصاغ من الجمع بل من المفرد والصواب بفتح الدال وتسكين الواو . ويقولون تذكار بكسر التاء والصواب تذكار بفتح التاء ، لأن الأسماء الجامدة كلها ترد على "تفعال" بكسر التاء والأسماء المشتقة ترد على "تفعال" بفتح التاء إلا لفظة "تبيان" فإنها بكسر التاء ويقولون : التقييم والصواب التقويم ، فليس هناك من المعاجم ما يذكر عبارة "تقييم" والذين يتلفظون بهذه اللفظة تُضلّلهم كلمة قيمة وكذلك " قيّم" والحقيقة أن "قيمة" أصلها واوي وكذلك " قيّم" وليس هناك فعل جار على ألسنة العرب القدامى على وزن "فعّل" من جذر القاف والياء والميم ، لأن الجذر مهمل رغم إقرار بعض المجامع اللغوية فقد جاء في الطبعة الثانية من المعجم الوسيط : قيّم الشيء تقييما: قدر قيمته ، وهذا خطأ لأن قوّم ترد بمعنى قدّر ، ولا يجوز أن تجعل لصيغة مهملة من (ق ـ ي ـ م) المعني الذي جعلته العرب لصيغة مستعملة من (ق ـ و ـ م ) فليجعلوا له معنى آخر "تواضعا" و"اتفاقا" إن كانوا يريدون تطوير اللغة ويقولون فلان تعيس وهو خطأ والصواب تاعس أو تَعِس ويقولون السم بضم السين والصواب فتح السين ويقولون قَطًّعَةُ إربا إربا بفتح الراء والصواب تكسينها ويقولون خطأ حزمة والصواب ضم الحاء لا كسرها ويقولون الحنجرة : بضم الحاء والصواب فتحها ويقولون خطأ حافة الوادي بتضعيف الفاء والصواب تخفيفها ويقولون للكوكب السيار من المجموعة الشمسية الزهرة بتسكين الهاء والصواب فتحها ويقولون شريعة سمحاء والصواب شريعة سمحة لأن سمحاء على وزن "فعلاء" مذكرها "أفعل" وليس هناك في العربية أسمح ويقولون مسودة الكتاب بضم الميم وتسكين السين وفتح الواو وفتح الدال مع تضعيفها وهو خطأ والصواب مسودة بضم الميم وفتح السين وفتح الواو مع تضعيفها وفتح الدال وهي الصحيفة تكتب أول كتابة ويقولون جاؤوا من كل صوب وحدب بتسكين الدال وهو خطأ والصواب حدب بفتح الدال وهو المرتفع من الأرض ويقولون خطأ "تظاهرة " وليس في العربية اسم على وزن "تفاعلة" ويقولون : عنوة بضم العين والصواب فتحها بمعنى القهر والقسر ويقولون : فلان جد ذكي وهو خطأ والصواب أن نقول فلان ذكي جدا ويقولون : لبس بضم اللام والصواب فتحها ويقولون : صحافة بفتح الصاد وهو خطأ والصواب كسرها لأنها حرفة والحرف ترد على وزن "فِعاله" ويقولون : بالنسبة للطالب والصواب بالنسبة إلى الطالب وجاء في أقوال العرب فلان ينسب إلى قبيلة مضر ولا تقول العرب فلان ينسب للقبيلة ويقال : ومنذ الوهلة الأولى أعجب فلان بالمكان وهو خطأ لأن الوهلة في كلام العرب تعني الفزعة فكيف يكون معنى الجملة في ضوء هذا الفهم ويقال : لا يجب أن يتكاسل الطالب وهو خطأ والصواب يجب أن لا يتكاسل الطالب ، لأن فعل "يجب" يفيد اللزوم والوجوب وإذا دخلت عليه اللام بطل الوجوب. ويقولون خطأ : كتاب ودفتر الطالب والصواب : كتاب الطالب ودفتره ، لأنه في العربية لا يجتمع عاملان على معمول واحد ويقولون : أثّر الأب على ابنه والصواب أثر فيه أو أثّر به ، قال علي (كرم الله وجهه) يذكر فاطمة رضى الله عنها "فجرت بالرحى حتى أثّرت بيدها ، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها" ويقولون : تردد الطالب على المكتبة وهو خطأ والصواب تردد إلى المكتبة ويقولون : تعرفت على فلان وهو خطأ والصواب أن نقول على وجهين نقول : تعرفت الشيء دون أن نعدي الفعل بحرف جر إذا كان المفعول به غير عاقل ، وإن كان عاقلا نقول : تعرفت إلى فلان" ويقولون : بكى الطالب الغير ناجح وهو خطأ لأن الألف واللام لا يدخلانه على "غير" على رأي البغدادي وباقي النحاة ، والصواب : بكى الطالب غير الناجح ، وأكبر دليل في أم الكتاب سورة الفاتحة "غير المغضوب عليهم" ويقولون : أنا كطالب أحافظ على نظافة المدرسة. وهذه خطأ لأن حرف الكاف لا يرد إلا للتشبيه ، والصواب أن نحذف حرف الكاف وننصب كلمة "طالب" فتصير حالا لصاحب الحال (أنا) فتصبح الجملة على هذا النحو . أنا طالبا أحافظ على نظافة المدرسة ويقولون : على ضوء ما تقدم وهو خطأ تسرب من تركيب فرنسي ترجم ترجمة حرفية . والصواب أن نقول : في ضوء ما تقدم ويقولون : نال الطالب نفس الدرجة وهو خطأ والصواب أن نقول : نال الطالب الدرجة نفسها ويقولون : عندنا حوالي ألف دينار وهو خطأ والصواب نحو ألف دينار لأن لفظة "حوالي" تدل على الإحاطة ونحو تدل على التقدير ويقولون : كتابان اثنان وهو خطأ لأن الألف والنون دليل التثنية فكلمة "اثنان" زائدة وهو ليس وجها من وجوه التوكيد ويقولون : كلما زاد الطالب من اجتهاده كلما زادت درجاته وهو خطأ والصواب أن نحذف "كلما" الثانية ويجمعون "مدير على مدراء والصواب مديرون لأن من شروط جمع الصفة على "فُعلاء" أن تكون صفة لمذكر عاقل على وزن فعيل بمعنى (فاعل) صحيحة اللام ، غير مضاعفة ، دالة على سجية مدح أو ذم كنبيه ونبهاء ولئيم ولؤماء أما (مدير) فهي على وزن "مُفْعِل" لا على وزن "فعيل". |
مقالة عن بعض الأخطاء الشائعة عند الطلاب بقلم الأستاذ/ توفيق علي بلقاسم قاسمي |